في سنة واحدة فقط، 14 قتيل و95 مصاب جراء حوادث القطارات والدولة في سبات عميق!

إعداد : منى بورجعات

ثلاث فواجع في سنة واحدة فقط، أسفرت عن دمار أسر عديدة، وخلفت يتامى وأرامل،.. أسر فقدت عويلها، وأخرى فقدت أبناءها، وكأننا في حرب، حرب دموية تشتت البيوت وتفرق الأهالي دون محاسب ولا مراقب.

سلسلة من الحوادث تكاد أن تبدوا عادية، ومألوفة على أذان المغاربة فهم تعودوا على سماع الفواجع والحوادث، وكونت لديهم مناعة قوية لمواجهة مثل هذه الأخبار، بعدما دأبت وسائل الإعلام على إيصالها بصورة مستمرة، حتى أصبحت أمر واقع متعايش معه، ومتوقع مصيره، فالكل أصبح يعرف سيرورة هذه الحوادث، وماذا ستكون تصريحات الحكومة والإجراءات التي تتخذ إزاءها، الكل أصبح محفوظ  ومحفور في أذهان المغاربة، وقوع الفاجعة، تقديم التعازي، التكفل بالدفن ثم فتح تحقيق مدى الحياة، وهكذا.. والسيناريو سيعاد في الفاجعة القادمة.

لم يعد المتلقي ينتظر التحقيق، بل أصبح يحقق في الأمر بنفسه بعد أن ساعدته مواقع التواصل الاجتماعي في فضح المستور، فالحادث الأخير الذي وقع على مستوى مدينة سيدي بوقنادل والذي خلف 7 قتلة و80 جريحا، كان إهمال المكتب الوطني للسكك الحديدة واضحا خصوصا بعد تداول تصريحات المشتكين، إلا أن الحكومة لم تقم بالخطوات اللازمة ككل مرة وتركت التحقيق يأخذ مجراه الطبيعي والأبدي.

هذه الحوادث ليست وليدة اللحظة فهي نتيجة لإهمال سنوات طويلة، فحسب تقرير للمجلس الأعلى للحسابات حول عمل المكتب الوطني للسكك الحديدية، فإن هذا الأخير يعاني من ضعف كبير في خدمات الصيانة كما أن معداته قديمة وتمثل خطرا كبيرا، الشيء الذي يؤدي إلى تكرار الحوادث وتأخر القطارات عن مواعيدها المحددة.

ووصل معدل التأخير في المواعيد حسب نفس التقرير في الفترة ما بين 2010 و2015، ما يناهز 20 ألف دقيقة، أي ما معدّله ساعة تأخير كل يوم يتحمّلها زبناء القطارات في المغرب.

وهذا الرقم لا يأخذ في الحسبان فترات تأخير القطارات الخاصة بنقل البضائع، والتي سجّلت بدورها معدلا سنويا لفترات التأخير يناهز 6500 دقيقة، أي حوالي 20 دقيقة كل يوم.

كل هذه ومازالت الدولة تركز على إنشاء قطار فائق السرعة حيث خصصت له ميزانية تصل إلى 20 مليار درهم، في الوقت الذي تعاني فيه القطارات الأخرى من إهمال واضطرابات واهتراء منظومة السكك الحديدية.

كما يعاني هذا القطاع من غياب آليات التفتيش التقني الخاص بمراقبة جودة المعدات، بحيث أن كل ما يتم هو برمجة يدوية للإصلاحات التي يتعين القيام بها على أساس جولات استكشاف تتم مشيا على الأقدام، وكذا على تسجيلات لمختلف أجهزة القياس التي تقيس المتغيرات المتعلقة بهندسة الخط السككي وهندسة حبال تزويد القاطرات بالكهرباء.

وذلك في غياب تام لأي نظم معلوماتية تراقب العناصر الأخرى للبنيات التحتية، المتمثلة في أسلاك تزويد القاطرات بالكهرباء والتشوير والمنشآت الفنية.

وهذا كله لا يمكن ترجمته إلا أنها استهتار بأرواح المواطنين، وإهمال المسؤوليات، وعدم الاكتراث لما يمكن أن يسبب الفواجع التي لا يدفع ثمنها إلا الأبرياء.

فإلى متى ستظل هذه الحرب تهدد أرواح المغاربة وسلامتهم؟ وهل من الممكن فعلا في يوم من الأيام أن تعطى للمواطن المغربي قيمته داخل وطنه؟ ويعامل كإنسان سلامته من سلامة بلده؟

Loading...