بقلم: توفيق عزوز
تعرف العلاقات المغربية الإسبانية في الوقت الراهن مدا و جزرا في ما يخص السيادة الوطنية لكلا الدولتين، فعلى هامش مصادقة البرلمان المغربي على ترسيم الحدود البحرية بين الجارة، فإن ذلك يعتبر حقا سياديا و مشروعية دولية للحفاظ على النظام العام.
إن الموجة الاشتراكية الآتية من إسبانيا بعد فوز الإشتراكي بيدرو سانشيز بالانتخابات الآخيرة جعلت المغرب يسير وفق التوجهات العامة للإشتراكية من جهة و الظرفية التي تعيشها اسبانيا على جميع المستويات السياسية كوضعية مهترئة و اقتصادية كقطاع يعرف تراجعات مهمة، ثقافية كمجال متنوع تحكمه الإيديولوجيات الإقليمية من جهة أخرى، مم يساهم في إضعاف السلطة المركزية للدولة الاسبانية.
في خضم كل هذا فالسياسة الخارجية للمغرب كانت رزينة و هادفة و عميقة خاصة على المستوى الاقتصادي، فلا يمكن أن يتخذ قرار سيادي بدون (كسب) أي المنفعة، فالشريط الساحلي القائم عليه هذا الترسيم اليوم هو في محك موقع استراتيجي، فجبل “التروبيك” الذي تم اكتشافه مؤخرا من قبل بعثة انجليزية وحسب هذه البعثة انه جبل يحتوي على معادن ثمينة مهمة، هذا الجبل البحري فيه إحتياطي هائل من المعادن الثمينة مثل التيلوريوم و الذهب و الكوبالت، و التقديرات الأولية تشير أن تروبيك فيه 10% من الإحتياطي العالمي من التيلوريوم و في كل متر مكعب يوجد 7.1 كيلو من الكوبالت و 5.6 كيلو من الباريوم و 3.6 كيلو من الفاناديوم و 2.9 كيلو من النيكل و 2.1 كيلو من الرصاص، كل هذا المخزون الثمين من الثروات يمكن أن يعطي دفعة إقتصادية قوية للدولة المنتفعة به، فأين يقع هذا الكنز الثمين؟
يقع الجبل البحري على بعد 250 ميلا من إسبانيا و 241 ميلا من المغرب، فاسبانيا كانت السباقة لتقديم طلب للامم المتحدة لتمديد مجالهت البحري الاقتصادي في محيطها الكناري، بدعوى أن التربة الجيولوجية لتروبيك غير مشابهة لإفريقيا، فتحريك هذا الملف سيحكم مستقبل العلاقات بين الدولتين على جميع المستويات.
إن المغرب لم يعد المغرب قوة إقليمية ناشئة كما تتصوره المخيلة الشعبية، بل قوة دولية تتحكم كليا في قراراتها السيادية و تبادر محيطها بارادة سياسية واثقة وصلبة محتفظة بتقاليدها المرنة جيوسياسيا ودبلوماسيا، و المفاجآت القادمة ستغير ميزان القوى في البحر الأبيض المتوسط لتترك قوى الشمال المتآكلة الطريق امام موكب المملكة العريقة القادمة من الجنوب لتجدد نفوذها التاريخي.