الشارع و كورونا أيهما كان سببًا ؟

بقلم: أسماء النعيمي

في زمن الكورونا الجميع أصبح يتحدث عن الازدياد المهول لحالات العنف الممارس على النساء، أو العنف الممارس تجاه أفراد الأسرة بصفة خاصة سواء كان جسدي أو لفظي أو عنفا نفسيا، فالزوج حينما يعنف زوجته ويفعل ذلك أمام أبنائه الذين يكونون أكبر المتضررين من الوضعية هنا تكمن الكارثة ..

-فما الأسباب التي فاقت من حدة العنف الممارس داخل البيوت المغلقة ؟ ولماذا تضاعفت نسبة إحصائيات الأفراد المعنفين ونحن في وضع كهذا ؟  هل الشارع كان هو الحامي والكورونا سببًا في انتشار العنف لأنها أرغمت الجميع على التزام البيوت..؟ وهل ذاك الزوج الذي يمارس العنف تأزمت نفسيته لدرجة أنه لم يعد قادرا على سيطرة نفسه وضبطها؟
أم أن هناك أسباب أخرى خفية ؟ هل الوضع الاقتصادي أثر سلبا ودفع أفراد الأسر لإذاية أقرب الناس إليهم؟ هل ثرثرة الزوجة واستفزازها لوالد أبنائها بسبب عدم قدرته على تلبية متطلبات البيت كانت كفيلة لهذا الرد العنيف من قبل الشخص الذي من المفروض أن يكون حامي الأسرة ؟ هل الشارع كان الملجأ لتفادي هذا الوضع المخجل ؟ وهل الكورونا تعدت كل الخطوط حتى وصلت لكسر العلاقات وتشتيتها،أم أنها مجرد قطرة نزلت فأفاضت الكأس وحملوها كامل المسؤولية؟

حتى ذاك الزوج الذي لم يكن مسجل بقائمة الرجال السيئين والمصنفين الأكثر همجية قبل الكورونا كان يقضي جل يومه في الشارع ما بين العمل والمقاهي ولا يدخل بيته إلا للضرورة وكأنه فندق متاح فقط للأكل والنوم، حتى نسبة التواصل بينه وبين شريكته كانت شبه منعدمة، ولا ننسى كذلك الزوجة التي حين عودته كانت وقد أهدرت كل طاقتها إما مع الأبناء أو وسائل التواصل الاجتماعي أو متطلبات البيت وتنظيفه لذلك أثناء دخوله البيت الذي يعد الملجأ الحامي لن تتجادل معه فلا حيلة لديها لذلك.

أما في زمن كورونا أصبحوا مرغمين على التواجد تحت نفس السقف ولمدة أطول مما كانوا يتخيلون، وذاك سببًا كافيًا لخلق مناوشات وجدالات طويلة مرهقة للطرفين تودي في الغالب لتعنيف الطرف الضعيف إما نفسيا أو جسديا ….
فهل الكورونا كانت سببًا ؟ أم أن الكورونا فقط عرّت المستور، وكشفت الستار عن الحقائق المخفية.

وكورونا أعادت الأمور إلى نصابها، وذاك الزوج الذي كنا نجده من قبل يعلق على منصات التواصل الاجتماعي أنه رافض للعنف، والآن أصبح هو أكبر الممارسين له، كورونا فقط منحته الفرصة ليخرج مكبوتاته الحيوانية التي كانت مختبئة داخله،
عرت الزوجة التي التهت بأشغال المنزل والتسوق والتجمعات النسوية،  عرت قدرة وكفاءة الطرفين في مسألة التواصل لا غير، عرت ونفضت الغبار عن ما يكنه الجميع داخله، ليس إلا …والضحية دائما هم الأبناء الذين يضطرون لتحمل نفسية ومزاج الوالدين … فهل نلوم حياة الشارع التي سلبت منا أم نلوم الكورونا التي كانت سببا في الحرمان من حياة الشارع..؟

Loading...