بقلم : يوسف الوهابي العلمي
الاحتجاج وسيلة قديمة للتعبير عن موقف معين واستنكار قرارات أو سلوك تقوم به جهة ذات نفوذ أو سلطة و يكون وسيلة للضغط و اكتساب بعض الحقوق، خصوصا إذا كان المحتجون كثر ووصلت درجة الإنكار إلى مستويات متطورة تجعل أصحاب النفوذ يتنازلون على بعض الأشياء لتحقيق مكتسبات معينة.
وتنهج الجهات المتضررة من الاحتجاجات محاولة وقفها أو إخراجها من سياقها و اتهام كل المحركين للاحتجاجات وتشويه صورهم أو إرشائهم و التخلص منهم بطرق عديدة حتى لا تتحقق أهداف الإحتجاجات.
وفي زماننا الراهن نشهد صور متعددة للإحتجاجات سواء عبر الفضاء الالكتروني أو مواقع التواصل الإجتماعي أو غيرها من الطرق التي ينهجها المحتجون.
و أينما وجدت الاحتجاجات بكثرة ستجد الفساد أكثر حيث تؤكد دراسات أمريكية أن الفساد أهم عنصر لإخراج الناس للإحتجاجات، و البلدان التي يكثر فيها الاحتجاجات يضعف فيها الاستثمار ويقل فيها الانتاج لعدم ثقة رؤوس الأموال للاستثمار فيها حيث يعتبرونها غير آمنة ويصعب المغامرة بالأموال دون وجود ضمانات للاستقرار.
فالاحتجاج له سلبيات كبيرة على اقتصاد الدول، لكن المواطن لا يجد أمامه وسيلة غير الاحتجاج للبحث عن مكتسباته و حقوقه التي لا تروق للجهات ذات النفوذ، خصوصا ان توفير الواجبات من الحقوق الأساسية المتعارف عليها كالتعليم الجيد و السكن المطلوب و الصحة اللازمة و الحفاظ على أمن الأشخاص و الممتلكات لم يعد يحتج عليه في الكثير من دول العالم المتقدم، لأنه من الضروريات التي يجب على كل مسؤول أن يخجل إذا خرج الناس يطالبون بحق مكفول في كل الأعراف و القوانين المتفق عليها.
و استمرار الناس في الاحتجاج دون تحقيق المراد يعني أن الفساد قد غزى البلاد و تسبب في قهر و ظلم من في الداخل و الحرمان من استثمارات الخارج، مما يعني تحول البلاد إلى بقعة من الفساد و التضييق بكل الوسائل على الحريات حتى لا يتحقق الوعي عند عموم الناس مخافة استمرار الاحتجاج و تكراره، لكن الذي يغفل عنه صاحب النفوذ أن الإنكار طبيعة عند البشر مع وجود الظلم و الفساد واستمرار الوضع على حاله قد تكون له نهاية وخيمة لا تحمد عقباها.
ان الحكمة تقتدي أن على الجهات النافدة السعي للتخلص من الاحتجاج ليس بالظلم و التضييق، بل بفتح أبواب الحوار والمشاركة في الإصلاح بطرق شفافة، فالمحتج اليوم قد يمكن أن تحوله الطرق الحكيمة إلى مدافع عن الوطن اذا عرف حقيقة الصعوبات التي تقف حجر عثرة أمام التقدم، كما يمكن أن يتحول إلى ثائر وعدو للجهة المتحكمة إذا ووجه بالقمع والاضطهاد .