أسماء النعيمي – مقال رأي
______
لطالما عُرفوا أهل الشمال بكرم الضيافة والمحبة لكل زائر مهما اختلفت هويته أو ثقافته أو حتى ديانته وتميزوا أيضا بأنهم أكثر الناس انسجاما وتأقلما مع الجميع وهذا مشهود لهم به على مدى التاريخ .
لكن ! في السنوات القليلة الاخيرة صرنا نسمع من فم غالبية زوار مدن الشمال حكايات كثيرة وقعت لهم مع بعض أهل الشمال الذين صادفوهم تتخللها العنصرية ، حيث ذكر البعض منهم أنه استاء من أحد الساكنة بعدما تنمّر عليه ونعته بألفاظ مشينة وذكر الآخر أنه طُرد من قبل أحدهم كونه لا يتقن لهجته وتحدث الآخر عن موقف له مع شخص اكترى منه منزله ليقضي عطلته الصيفية والسبب راجع لعدم رضوخه لاستغلال المكتري الذي ضاعف الثمن بعد يومين من إقامته وغيرها الكثير من الصور …
هنا دعنا نتساءل هل فعلا أهل الشمال عنصريين؟
أم أن هناك شيء في الخفاء يشوش على صورة الشماليين ؟
ومن له المصلحة في تشويه صورة الساكنة ؟
وإذا كانوا فعلا عنصريين ما الذي أوصلهم لهذا ؟
هنا وعلى لسان أحد سكان الشمال يرى السبب في هذا : التواجد الكبير لمواطنين من مدن الداخل بجهة الشمال بعدد من المناصب حتى فقدت ساكنة الشمال العديد من مميزاتها مما خلق فجوة كبيرة بين هؤلاء ، إضافة إلى التلوث الذي بدا ينتشر بشكل مبالغ في الجهة الشمالية بعدما كانت النظافة هي من تميزها كون أهلها يعتبرون النظافة من أولى أولوياتهم لكن وبسبب الكم الهائل من القاطنين الذين سكنوا فيها ولم يحترموا نظام الجهة وساهموا في تخريبها ناهيك عن الفوضى التي اجتاحت شوارع المنطقة بسببهم يرى هذا الأخير أن هؤلاء الوافدين من ساهموا بشكل أو بآخر في تدهور العلاقة بينهم وبين الساكنة التي صارت تتصرف معهم بعنصرية ويضيف أن ذلك من حقهم ويشير إلى ما يحدث في فصل الصيف الذي تغرق به الجهة الشمالية بهواة السباحة الهاربين من حر مدنهم وأيضا عشاق التنزه كون المنطقة تعد قبلةً سياحية مميزة بأنه فصلٌ يعرف اكتظاظا يخنق الساكنة التي غالبا ما يهرب بعض من أفرادها إلى القرى المجاورة بحثا عن الهدوء.
وعن ارتفاع الأسعار التي تطال منازل الكراء والمطاعم والمقتنيات الأساسية التي يعاني منها الزوار يخبرنا هذا الأخير أنه شيء طبيعي كون أهل المنطقة يعانون البطالة على مدار السنة وينتظرون هذا الموسم لتعويض الخسائر هذا فيما يخص السلع وغيرها أما عن الأسعار التي يشهدها اكتراء العقار فيقول أنه راجع لعدم احترام المكتري لخصوصية المنطقة وأيضا عدم محافظته على أثاث المنزل وأحيانا اختفاء بعض منه مما يغضب صاحب العقار فيضطر لرفع السعر كتعويض مسبق.
وبين كلام هذا وذاك تبقى ساكنة منطقة الشمال الأصلية التي دفنت أجدادها في تربتها الخصبة لها الأحقية في الجواب على كل تلك الأسئلة ، وهنا تسرد لنا سيدة تجاوزت الثمانين عاما قصصا جميلة عن أهل الشمال وهي ترى أن مدن الشمال أرض للجميع وترفض أي مظهر من مظاهر العنصرية وتتشبث بكرم الضيافة مهما اختلفت الاراء حول هذا ، وتظل تخبر الأجيال القادمة أن مدن الشمال كالوطن تماما قادرة على احتواء الجميع مهما كان حجم الاختلاف الأهم هو الحفاظ على المنطقة واحترام خصوصياتها ، لتبقى مدن الشمال الوجهة السياحية الأولى في المغرب ومرحبا بكل زائريها مهما اختلفت بقاع أرضه بعيدا عن شتى مظاهر العنصرية التي طغت مؤخرا عليها.
—————————————————
*مقالات الرأي تعبر عن رأي أصحابها ولا تلزم الموقع بالضرورة لتبني أي رأي.