بقلم: أسماء النعيمي
من قبل قيل “كاد المعلم أن يكون رسولا “، وفي بلدي يقال الآن “كاد المعلم أن يكون (متعاقدا لبضعة أيام)…… !!!!” فإلى أين يا بلدي بمستقبل ملقني العلم لأبنائك ؟
إلى أين يا بلدي ؟
بعدما ضربت مجهودات علمائك الشرفاء الذين ضحوا من أجل مرتبة العلم في كل بقاع أراضيك عرض الحائط …. إلى أين بعدما فرّطت في مكانة العلم الذي تركوها لك الأجداد أمانة في عنقك ليوم الدين ..؟
إلى أين؟ بعدما كنت يا بلدي يُضرب بك المثل بجامعة القرويين أولى جامعات العالم، أصبحت الآن مجرد دولة مسكينة لا تستطيع توفير متطلبات معلميها وتلامذتها… وبدل أن تتلاحم لإيجاد الحلول، اتخذتِ مجرى المذنب الذي يكابر بدل الإعتراف بذنبه.. إلى أين يا بلدي بعدما كسرت كل سبل التواصل بينك وبين أبنائك؟
إلى أين ؟ وأنت لم تترك حلا سوى التمرد عليك لم تتركِ حلا سوى مواجهة قمعك بكل ما أوتي شبابنا من طاقة تحمل ..
إلى أين يا بلدي ؟ ورجال ونساء التعليم يواجهون خراطيم مياهك و”زرواطة عساكرك ” بسلاح مجهز بشعارات تُظهر للعالم مدى ظلمك يا بلدي
…ألا يكفيهم
ألآ يكفيهم كل تلك المعاناة التي يتكبدونها في القرى والمداشر لأجل تمرير العلم وتحرير عقول أبناء الشعب .. تلك العقول التي لم تعطي لها الإشارة بعد لتتحرر وتمتلك الوعي الكافي الذي يعينها على فهم كل ما يجري، العقول التي لم تبتغي لها يوما سوى أن تجيد القراءة والكتابة ولغة المستعمر ،كي لا تتضح لها الصورة كاملة لتحاسبك … كيف لك أن تكوني ظالمة لهذا الحد ؟
كوني متيقنة يا بلدي أن ظلمك هذا لن يدوم، فهذا الجيل المتمرد على قراراتك الصبيانية يملك القوة اللازمة لردخك ،لن ينهزم ولن ييأس والأهم أنه لن يتنازل لك عن حقوقه .. لذلك لا داعي يا بلدي لخلق مزيد من المشاحنات، استسلمي وامنحي أبنائك حقهم فبدونهم أنت لا شيء بدونهم أنت تائهة مجرد رقم … مجرد قطعة فوق خريطة العالم …
تنازلي عن أنانيتك قليلا فأحيانا يكون التنازل هو الحلّ وبما أنك أنت التي من المفروض أن تكوني القدوة تنازلي وامنحي أبنائك من رجال ونساء التعليم وتلاميذ حقهم الشرعي
يكفيك متاهة يا بلدي …. لن ترتقي إن لم تضعي استراتيجية جديدة لقطاع التعليم ،استراتيجية تأخذي خلالها بعين الإعتبار مصير أبنائك الذين ملّوا من قراراتك الفجائية التي غالبا ما تفتقد للواقعية…. لن ترتقي وأنت تدفعي أبنائك ليصبحوا رقما في إحصائيات “هجرة الأدمغة” ترغمينهم على اتخاذ قرار الرحيل ليثبتوا كفاءاتهم بعيدا عن تراب أراضيك …
تنازلي يا بلدي لأجلك أولا، ولأجل مستقبل شعبك … جميعا ندرك كم هو صعب عليك ذلك لأنك تعودت دائما على الكلام وإعطاء الأوامر، ومع ذلك نطالبك بأن تتنازلي وتتعلمي كيف تنصتين إلى أبنائك .. أنصتي إليهم كي تتخلصين من متاهتك….