تأثير وسائل التواصل الإجتماعي على البنية الإجتماعية للأسرة

بقلم: محمد الحليمي

أصبح العالم في وقتنا الراهن بلدة صغيرة مترابطة الأطراف، هذا التحول الذي شهده العالم يعود سببه إلى التطور البشري في مجال التواصل بأحدث الأساليب والطرق التكنولوجية التي لا يكاد يستغني عنها أي فرد في هذا الزمان.

فلا يمكن أن نخفي أن هذه الوسائل أصبحت كالغذاء اليومي للشعوب في كل زمان ومكان، كما لا تخف أهميتها بسبب شهرتها الواسعة وكثرة التعامل بها بين الناس، فهي تمكن من التواصل مع عدد من الأفراد ( أقارب، أصدقاء، زملاء) بسرعة عالية وعلى نطاق واسع، فهي تعتبر منظومة من الشبكات الإلكترونية تسمح لمرتاديها إنشاء مواقع خاصة بهم وربطها عن طريق نظام الكتروني اجتماعي مع أعضاء آخرين، فهي تتيح لمتصفحيها إمكانية مشاركة الملفات والصور وتبادل مقاطع الفيديو وإجراء المحادثات الفورية، وإرسال الرسائل المكتوبة و الصوتية، وبالرجوع إلى الواقع الافتراضي نجد أن قولة ديكارت” أنا أفكر إذا أنا موجود” تغيرت لتصبح “أنا متصل إذا أنا موجود ” ومنصات التواصل الاجتماعي التي تتصدر المشهد الافتراضي هي (الفايسبوك، وتساب،انستغرام).

بالنسبة للفايسبوك هو موقع للتواصل الاجتماعي يمَكن مرتاديه سواء كانو أشخاصا ذاتيين من التواصل مع العالم الخارجي وعرض أنشطتهم المختلفة، أو كانوا أشخاصا إعتباريين كالشركات التجارية مثلا من البروز وتعزيز مكانتهم الإقتصادية وإنشاء روابط للسلع والخدمات الخاصة بهم.

وقد تحول هذا الموقع من مجرد وسيلة للتواصل مع البيئة القريبة للشخص إلى منبر لعرض الإيديولوجيات الفكرية المتنوعة وتكوين تجمعات سياسية إلكترونية، بالإضافة إلى أنه أصبح منصة تسويقية بامتياز تعتمدها الآلاف من الشركات والمؤسسات التجارية، فضلا عن تعويض الفايسبوك للصحف الورقية، حيث أصبح الوسيلة المعتمدة لتصفح الأخبار الدولية ونقل الأحداث العالمية المختلفة بشكل فوري.

الواتساب كذلك يعد وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي وهو يمَكن من الاتصال والتواصل عبر عدة وسائط كالرسائل الكتابية والمسموعة، كذلك يمكن عبره الاتصال بشكل مباشر عن طريق إجراء مكالمات صوتية أو عبر الفيديو.

بالنسبة لتطبيق الانستغرام رغم كونه وسيلة من وسائل الاتصال، إلا أنه بالإضافة إلى ذلك يعتبر وسيلة رائعة لمحبي التقاط الصور وتصفيتها عبر فلتر رقمي ونشرها، واستخدام هذه المواقع لا يأتي من فراغ فلا بد له من دوافع منها: المشاكل الأسرية : ففي حالة نشوب خلاف بين أفراد الأسرة الواحدة يضطر الشخص الى البحث عن منفذ ليهرب من هاته الضغوط واللجوء إلى عالمه الافتراضي عسى أن يجد فيه ما لم يجده في أسرته.

الفراغ : يؤدي الفراغ إلى سوء استخدام الوقت واستغلاله في منصات التواصل الاجتماعي، فتصبح هاته الوسائل عبارة عن أدوات لتضييع الوقت واستخدامه في أمور منعدمة الفائدة.

البطالة : بحيث أن عدم وجود عمل وإرتفاع منسوب الضغوط النفسية يؤدي إلى الإنغماس في عالم الافتراض للهرب من الواقع.

التسويق : كما ذكرنا سابقا فوسائل التواصل الاجتماعي لم تعد مجرد أداة للاتصال، بل أصبحت سوقا متحركة تمَكن المرء بسهولة أن يطلب ما يريد شراءه والحصول عليه من مدينة أو دولة أخرى بضغظة زر فقط.

أما بالنسبة لآثار هاته الشبكات على المجتمع، فكما لها إيجابيات فمن المؤكد أن لها عدة نقط سلبية، فمن بين أبرز إيجابياتها نذكر أنها قليلة التكلفة نسبيا فلو أراد شخص ما نشر إبداع شخصي له فسيكلفه الكثير، عكس هاته المنصات التي لن تكلفه شيئا ما، كما أنها تساعد على التعرف على ثقافات الشعوب وتقاليدهم باعتبارها عابرة للقارات، كما أن مختلف الطبقات الاجتماعية يمكنها ارتيادها بسبب مجانيتها وسهولة استخدامها، كذلك هي وسيلة للتزود بأخبار العالم وآخر مستجداته وما إلى غير ذلك..

أما بالنسبة لأبرز سلبيات وسائل التواصل الإجتماعي فهي متعددة نذكر منها؛ قيامها بزعزعة عملية التفاعل الأسري فهي تشكل خطورة على التماسك الأسري، حيث تؤدي إلى عدة مشاكل إجتماعية كالعزلة والإنطواء وفقدان التواصل مع العالم الواقعي، وتحول الكلام من اللسان إلى الأصابع وتغيير أنماط التعامل في البيوت، وتحولت هذه الأخيرة من بيوت حية عامرة بأهلها إلى بيوت خالية صامتة، كما أدى الإدمان على هاته الوسائل إلى مشاكل عديدة كالخلافات الزوجية التي تصل إلى حد الطلاق، أيضا ساهمت هذه المواقع والتطبيقات في تشتيت عدة أسر بسبب المبالغة في كشف أسرار الحياة الشخصية للأسرة.

Multi-level cooperation for resilient development: putting the Water-Energy-Food-Ecosystems Nexus into action

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.