بلال كمال
في قلب حي “حومة فريشة” بمنطقة العوامة في مدينة طنجة، يخوض جندي مغربي سابق معركة ضارية ضد ما يصفها بـ”عصابة منظمة” من أعوان السلطة ومسؤولين متورطين في التستر والتواطؤ في ملفات البناء العشوائي. قصة هذا المواطن، الذي خدم وطنه بشرف، تتحول اليوم إلى رمز لصراع الفرد الأعزل ضد منظومة فساد متغلغلة في مفاصل الإدارة المحلية.
بدأت فصول هذه القصة عندما قرر الجندي السابق توسيع منزله ببناء طابق إضافي، شأنه شأن العديد من السكان الباحثين عن تحسين ظروفهم المعيشية. غير أن هذا القرار سرعان ما تحول إلى كابوس، بعدما طالبه بعض أعوان السلطة، حسب ما صرّح به، بتقديم رشوة مقابل “غض الطرف” عن أشغال البناء.
رفض الجندي الانصياع لهذا الابتزاز، متمسكًا بالقانون ومكتسباته كمواطن، لتبدأ رحلة من التضييق والترهيب، حسب روايته، تخللتها تهديدات وتعسفات إدارية، و”تلفيقات” تهدف إلى كسر إرادته. لم ييأس الرجل، فطرق أبواب مختلف المؤسسات، من جماعة طنجة إلى المحكمة، بل وحتى الديوان الملكي، غير أن شكواه – حتى لحظة كتابة هذا المقال – لم تجد من ينصفها أو يوقف هذا النزيف.
السؤال الذي يطرحه كثيرون من سكان الحي، والذي باتوا يتابعون تفاصيل القصة عن كثب، هو: كيف يمكن لمسؤولين محليين أن يستمروا في ممارسات مشبوهة، بينما يدفع المواطن الثمن فقط لأنه رفض المشاركة في الفساد؟
قضية الجندي السابق تفضح وجهاً من أوجه الفساد المتجذر في ملف البناء العشوائي، الذي بات يشكل تحدياً كبيراً لمدينة طنجة، ويضع مصداقية المؤسسات على المحك. وهو نداء آخر للمسؤولين الجهويين والوطنيين لفتح تحقيق نزيه وشجاع في هذه القضية، حمايةً للحق، واحتراماً لمن ضحّى ذات يوم دفاعًا عن الوطن.
المجتمع ينتظر العدالة. والجندي السابق ما زال واقفًا، رافضًا بيع ضميره، مؤمنًا بأن الوطن لا يمكن أن يخذل أبناءه الشرفاء.